التحويل السنوي العادي مقابل التحويل السنوي المتقدم: أيهما أدق في التوقعات؟
التحويل السنوي هو خارطة فلكية سنوية ترسم عند اللحظة التي تعود فيها الشمس إلى نفس الموقع الذي كانت فيه وقت ميلاد الشخص وهذا التحويل يستخدم من قبل المنجمين للتوقع بأبرز أحداث أو مواضيع السنة القادمة في حياة الفرد وهناك طريقتان لحساب التحويل السنوي:
١. التحويل السنوي العادي (التقليدي): يحسب عندما تعود الشمس إلى نفس الدرجة والدقيقة في دائرة البروج الاستوائية كما كانت لحظة الولادة وبمعنى آخر يؤخذ نفس الموقع المداري للشمس (نفس الدرجة والبرج) دون أي تصحيح إضافي.
٢. التحويل السنوي المتقدم (المصحح): يحسب بأخذ الإزاحة الناتجة عن التقهقر الاعتدالي في الحسبان. أي بدلا من الاعتماد فقط على موقع الشمس المداري يتم إرجاع الشمس إلى نفس الموقع النجمي الذي كانت فيه عند المولد وهذا يتطلب إضافة مقدار تصحيح (يسمى تصحيح التقهقر أو Ayanamsa) تقريبا ٥٠.٢٥ ثانية قوسية لكل سنة وهو ما يعادل حوالي درجة واحدة كل ٧٢ سنة بسبب حركة الترنح البطيئة لمحور الأرض.
كمثال الخارطة اليمين غير مصححة واليسار مصححة

ورغم أن الفرق في الموقع الفلكي الظاهري للشمس بين الطريقتين ضئيل (بضع دقائق قوسية سنويا) لكن تعتبر هذه الفروق مهمة لدى العديد من الاحكاميين لأنها قد تغير الطالع ووضعية البيوت في خريطة التحويل السنوي.
مثلا قد يكون القمر في برج مختلف مع اتصالات مختلفة تماما في الخريطة المتقدمة مقارنة بالخريطة العادية.
فالتقهقر الاعتدالي هو ظاهرة فلكية ناتجة عن ترنح محور الأرض أثناء دورانها ما يؤدي إلى تراجع نقطتي الاعتدال الربيعي والخريفي على مدار البروج بمعدل حوالي ٥٠.٣ ثانية قوسية سنويا (أي درجة كاملة كل حوالي ٢٦.٠٠ سنة) ونتيجة لهذا التقهقر فالسنة المدارية (الاستوائية) أقصر قليلا من السنة النجمية: فالعلماء يقيسون متوسط طول السنة المدارية بحوالي ٣٦٥ يوم و٥ ساعات و٤٨ دقيقة و٤٦ ثانية (365.242189 يوم) وبسبب ترنح الأرض ينتهي العام المداري مبكراً بحوالي ٢٠ دقيقة عن إتمام الأرض دورة كاملة حول الشمس وبكلمات أخرى حين تكمل الأرض دورة كاملة حول الشمس (سنة نجمية) تكون نقطة صفر للحمل الحمل المداري قد تراجعت حوالي ٢٠ دقيقة قوسية للخلف بالنسبة لخلفية النجوم.
وهذا الفارق التراكمي يعني أنه كل سنة يتقدم توقيت عودة الشمس المدارية قليلا عن السنة السابقة. وعليه فإن خريطة التحويل السنوي العادي تنزاح تدريجيا بالنسبة للواقع النجمي.
مثلا: في عيد ميلاد الشخص ال٢٠ يحدث التحويل السنوي المتقدم بعد التحويل العادي بحوالي ٦.٥ ساعات وبعمر ٤٠ بفارق ١٣ ساعة وعند ٦٠ بفارق ٢٠ ساعة وبهذا المعدل قد يختلف توقيت الخريطة بيوم كامل تقريباً عند بلوغ سن ٧٢ اذا لم يتم تصحيح التقهقر.
كمثال خارطة تحويلي السنوي بعمر ٢٠ سنه

هذا الاختلاف في التوقيت ينعكس على طالع الخريطة والبيوت: فبعد ١٨ سنة تقريبا قد يكون الطالع مختلف بحوالي نصف دورة (٦ ساعات) عن مكانه المفترض وبعد ٣٦ سنة قد يصبح مختلف بحوالي ١٢ ساعة (أي طالع معاكس تقريبا) ومثل هذه الانزياحات الزمنية قد تؤدي إلى اختلاف جذري في تحليل الأحداث إذا لم تؤخذ بالحسبان.
ومن هذا المنطلق يرى البعض أنه لا بد من تصحيح التحويل السنوي المداري أو استخدام الطريقة النجمية لتفادي أي انحراف ويصف أحد المنجمين هذا التصحيح بأنه ضروري لعودة الكوكب إلى موقعه الحقيقي تماما كما كان عند الميلاد حيث إن أدق الفوارق يمكن أن “ترمي بكل التوقعات خارج السياق” إذا تجاهلنا التقهقر.
وفي المقابل يعتبر آخرون أن التقهقر مفهوم يخص النظام النجمي فقط وأن النظام الاستوائي منفصل نظريا ولا ينبغي خلطه مع الاعتبارات النجمية.
سأستعرض فيما يلي آراء وتجارب احكاميين من المدرستين حول دقة كل أسلوب في التنبؤ.
١. الآراء والتجارب المؤيدة للتحويل السنوي المتقدم (مع تصحيح التقهقر)
كثير من المنجمين الحديثين والتقليديين لاحظوا فوائد التصحيح الاعتدالي في تحسين دقة التوقعات السنوية وفيما يلي أبرز النقاط التي يطرحها مؤيدو التحويل المتقدم:
التصحيح يعكس الواقع الفعلي بدقة أكبر: المنجمة كاثرين ميرلين تشير إلى أن إضافة تصحيح التقهقر بمقدار ٥٠.٢٥ كل سنة يغير إعداد خريطة التحويل كليا ويعطي نتائج أدق بكثير لأنها مبنية على الواقع الفلكي الملموس وتوضح أن كافة الكواكب تتقدم درجاتها سنويا نتيجة التقهقر وبالتالي فإن عدم التصحيح يعني تجاهل هذه الحركة المتراكمة وهي نفسها تعتمد على الخرائط المصححة وتصفها بأنها أكثر موثوقية في التوقع بالظروف الفعلية الخارجية للسنة.
شواهد تاريخية ناجحة (أسلوب برادلي وفاغن):
التصحيح الاعتدالي طبق بقوة في مدرسة علم التنجيم النجمي في منتصف القرن العشرين والمنجم دونالد برادلي (الملقب أيضا بجارف ألين) ورواد المدرسة النجمية مثل سيريل فاغن روجوا لفكرة أن التحويل الشمسي المصحح هو الأسلوب الأدق للتنبؤ.
وفي كتابه "Solar and Lunar Returns" قدم برادلي منهجية قراءة تعتمد على كون الكواكب القريبة من الاوتاد (الطالع، وسط السماء، إلخ) هي الأكثر دلالة وقد ذكر جيمس إيشلمان (من تلامذة هذه المدرسة) أن النتائج المطلوبة يمكن تحقيقها إما باستخدام المدارية مع تصحيح التقهقر أو باستخدام الخارطة النجمية مباشرة محذرا من أن عدم اتباع أحد هذين الأسلوبين سيجعل خريطة التحويل "خاطئة بحوالي ٦ ساعات عند سن ١٨ وبنصف يوم عند ٣٦ وبكامل يوم عند سن ٧٢" في إشارة إلى مدى الانحراف الزمني الكبير الذي قد يحدث بدون تصحيح.
أمثلة واقعية على دقة التحويل المتقدم:
يورد المؤيدون عدد من الحالات التي ظهر فيها التحويل المصحح أكثر تطابقا مع الأحداث الفعلية من التحويل العادي.
مثلا قامت كاثرين ميرلين بدراسة التحويل الشمسي المصحح للسيدة جاكلين كينيدي أوناسيس (زوجة الرئيس الأمريكي الراحل ) لعام مقتل زوجها ١٩٦٣ وفي تلك الخريطة المصححة برزت حالة فلكية شديدة السلبية: اصطفاف زوايا الخريطة مع كواكب ثقيلة على شكل مربع حيث كان زحل على مقربة شديدة من درجة البيت السابع بتربيع القمر في الرابع ونبتون قريب جد من درجة البيت الرابع وعطارد في الطالع

( التحويل حسب موقع المولد وليس في دالاس)
برادلي نفسه وصف مثل هذه التشكيلات بأنها نذير “خسائر وأحزان وربما ترمل” عند وجود زحل بتربيع القمر ونبتون بتربيع لزحل بمثابة “مزلزل عروش... وكلمته المفتاحية الإزالة’”.
وبالفعل تحققت أحداث مأساوية تلك السنة: اغتيال الرئيس كينيدي وما تلاه من مصيبة وفاجعة ظهرت بوضوح في الخريطة حتى إن اكتئاب جاكلين اللاحق بان جليا من دلالة القمر وعطارد المنتحسين بدلالة زحل.
وعلقت ميرلين بأن هذه الخريطة السنوية المتقدمة أنذرت بالأحداث القادمة بوضوح كبير بحيث “لا يمكن للشخص الفكاك من القدر الذي تصوره الخريطة”.
ويذكر أيضا أن برادلي اقترح استخدام التحويل القمري المصحح لتحديد توقيت الحدث بدقة ضمن إطار دلالة التحويل الشمسي وهو ما أكدته ميرلين في مثال جاكلين حيث أبرزت التحويل القمري المصحح لشهر نوفمبر ١٩٦٣ وجود المريخ وزحل معا بزوايا خريطة ذلك الشهر (المريخ بوسط السماء وزحل بالطالع) – دلالة واضحة على الخطر والعنف والخسارة في الفترة التي وقع فيها الاغتيال.
تجارب معاصرة إيجابية
على مستوى التجربة الشخصية ذكر بعض المنجمين أنهم لم يجدوا فائدة تذكر في التحويلات السنوية العادية حتى بدأوا بتطبيق التصحيح الاعتدالي. أحد هواة علم التنجيم كتب قائلاً إنه “لم يكن يوما قادرا على التوقع بشيء يذكر من خرائط التحويل السنوية التقليدية لكن بمجرد تعلمه تقنية التصحيح السنوي قبل سنوات صدم بتزامنات مذهلة في الخرائط مثل تطابق اوتاد الخريطة السنوية مع اوتاد خارطته الأصلية بدقة درجة واحدة الأمر الذي جعل الخرائط ذات معنى كبير كل عام بعد أن كانت تبدو عديمة المغزى من قبل”.
مثل هذه الشهادات تدعم رأي أن التقهقر الاعتدالي قد يكون المفتاح لجعل التحويل السنوي أداة تنبؤ فعالة بدل أن تكون مجرد إشارات عامة.
وبوجهة نظر وسطية (كلا الخرطتين لهما دور): فهناك من يتبنى نهج توفيقيا بحيث ينظر إلى كل من الخريطتين (العادية والمصححة) على أنهما تكملان بعضهما.
مثلا يذكر بعض المنجمين أن الخريطة الاستوائية (بدون تصحيح) تعكس الجوانب النفسية والذاتية للسنة أي ما يطمح أو يشعر به الفرد داخليا بينما تعكس الخريطة المصححة “الواقع الخارجي الموضوعي” والأحداث والظروف الفعلية التي سيواجهها الشخص.
المنجم أنتوني لويس صرح بأنه يستخدم كلا الخريطتين (الاستوائية المصححة وغير المصححة) إضافة إلى مقارنة كل منهما بخارطة الميلاد إذ يجد أن كل منهما “مهم من وجهة نظر مختلفة” وليست إحداهما صوابا والأخرى خطأ مطلقاً. وهذا الطرح يفسر لماذا قد تبدو أحياناً توقعات الأسلوبين مختلفة: ربما تشير الخريطة العادية إلى تجربة الشخص الذاتية أو نواياه فيما تظهر الخريطة المتقدمة الظروف القدرية المحيطة التي قد تطرأ بغض النظر عن شعور الشخص.
الآراء والتجارب المؤيدة للتحويل السنوي التقليدي (بدون تصحيح)
في المقابل هناك عديد من المنجمين في المدرسة الاستوائية يفضلون استخدام التحويل السنوي دون أي تصحيح اعتدالي إضافي وحجج هؤلاء يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
١. اتساق نظري مع نظام المدار (الاستوائي): فيجادل معارضو التصحيح بأن التنجيم الاستوائي نظام قائم بذاته يعتمد على دورة الفصول ونقاط الاعتدال والانقلاب وليس على مواقع النجوم . لذا فإن إدخال مفهوم نجمي (كتقهقر نقطة الحمل) يخلط بين نظامين مختلفين والمنجمة ماري فورتيير شيا تؤكد أن “التقهقر مفهوم نجمي بحت ولا علاقة له بالنظام الاستوائي” وتضيف أنه لا يوجد أساس نظري ضمن علم التنجيم الاستوائي لتقديم (تصحيح) الخريطة السنوية وبعبارة أخرى إذا كنا نتبع دائرة البروج الاستوائية كنظام إحداثيات مرتبط بالأرض والفصول فيجب أن نلتزم به كما هو دون محاولة ضبطه على النجوم.
وبعضهم يقترح أنه إذا كان دقة المواقع النجمية هاجس فالأجدر استخدام خريطة نجمية كاملة بدل تعديل الخريطة المدارية جزئياً.
نتائج عملية ناجحة بالخريطة غير المصححة:
الكثير من المنجمين الغربيين يستخدمون منذ عقود العودة المدارية التقليدية ويجدونها مفيدة في التوقع خاصة عند دمجها مع تقنيات أخرى فماري شيا ذكرت أنها جربت كل من الخرائط الاستوائية المصححة وغير المصححة وكذلك الخرائط النجمية في بدايات أبحاثها واستقرت في النهاية على استخدام الخريطة الاستوائية غير المصححة لأنها وجدتها أكثر تطابقاً مع ما تلاحظه في حياة موكليها من منظور علم النفس والتحليل الشخصي.
لقد درست لعشر سنوات ملاحظات عملائها وربطتها بتحويلاتهم السنوية دون تصحيح ووجدت أنها “تناسب تماما” ما يحدث معهم في إطار تجربتهم الذاتية وفي المقابل وجدت أن الخرائط المصححة “لا تعمل” معها ولم تكن منطقية ضمن الإطار النظري الذي تعتمده.
وتقول شيا: “بالنسبة لي الخرائط الاستوائية المتقدمة لم تنجح وليس لها معنى نظري... جربتها في السبعينات ولم تجد وأعدت النظر فيها أثناء كتابة مقالي هذا فما زال رأيي أنه لا جدوى منها”. > مناضل
أمثلة مضادة لتفوق التحويل المتقدم:
تضرب شيا مثالاً عمليا من حالة إحدى موكلاتها (أسمتها "باتي") التي بدأت علاقة عاطفية عميقة غيرت حياتها تماماً في إحدى السنوات وفي خريطة التحويل السنوي الاستوائية التقليدية لتلك السنة ظهرت إشارة واضحة لهذه البداية الجديدة: إذ تجمع أربعة كواكب فأكثر في بيت واحد (الأول) مع وجود الشمس والقمر معا هناك ما يدل على تركيز هائل على مجال الحياة الشخصية وبداية مرحلة جديدة – وهذا بالضبط ما حدث حيث تركت باتي عملها السابق وباعت مزرعة عائلتها وانتقلت للعيش مع حبيبها مانحة كل اهتمامها لحياتها العاطفية الجديدة وفي المقابل خريطة نفس السنة مع تصحيح التقهقر رسمت صورة مختلفة تماما تركز على البيت الأول (شخصها هي) بدون تلك المؤشرات القوية للشراكة مما قد يوحي لمن يفسرها بأنها سنة استقلال ووحدة في حين حصل العكس تماما في الواقع.
هذا المثال يوضح – من وجهة نظر شيا – أن الطريقة التقليدية التقطت الحدث الأساسي بدقة بينما كادت الطريقة المصححة تضلل التوقع.
منجمة أخرى علقت بأن الخرائط غير المصححة أحيانا تبدو أكثر منطقية في إظهار ما يعيشه الفرد على المستوى النفسي والذاتي فبينما قد تظهر المصححة أشياء لا تنعكس فعليا على تجربته الشخصية وبالتالي يعتمد البعض على الخرائط الاستوائية كما هي لفهم الحالة الداخلية للسنة القادمة.
دعوة لمزيد من الأدلة قبل اعتماد التصحيح:
نظرا لعدم وجود إجماع بين جميع المنجمين فيبقى البعض متحفظ على تغيير منهجية راسخة بدون أدلة قوية فماري شيا دعت من يؤمنون بصحة التحويل المتقدم إلى نشر دراساتهم وأمثلتهم لإثبات كيف يمكن تفسير الأحداث من خلال تلك الخرائط وهذا يشير إلى أن الجدل ما زال مفتوحاا وأن الطرف المشكك بحاجة لرؤية حالات عملية موثقة يشعر أنها لا يمكن تفسيرها إلا بواسطة التصحيح الاعتدالي.
مزيج من الأساليب التقليدية الأخرى:
يجدر بالذكر أن بعض المنجمين التقليديين تاريخيا لم يعتمدوا حصراً على التحويل الشمسي لفهم السنة بل استخدموا تقنيات أخرى (مثل التسيير والانتهاء وغيره). لذا قد لا يكون غياب التصحيح في التحويل السنوي عند هؤلاء عائقاً كبيراً، إذ يُدمجون عدة طرق للتنبؤ.
فمثلا بتحويل جاكلين كينيدي السابق نلاحظ ان كسوف جزئي للشمس حصل في ٢٠ تموز بتلك السنة كان مرئي في الولايات المتحدة

وهذا مساره

وكان في الدرجة ٢٧ سرطان اي مقارن لدرجة السابع بتحويل جاكلين الغير مصحح ( الاعتيادي) وايضا نرى ان مطرح تربيع المريخ وصل لطالعها قبل الحادث بشهرين.
ايضا دليل سنتها ( حاكم برج الانتهاء) كان عطارد وهو نفسه دليل زواجها

ويتواجد في البيت السابع بالتحويل غير المصحح في مقابلة تامة مع زحل . طبعا هذا يرجح الخارطة الاعتيادية .
أما اليوم فكثير من المنجمين الغربيين الذين لا يصححون التقهقر يستمرون في استخدام التحويل السنوي كأداة بين أدوات متعددة (كالتسيير والفردار والانتهاء والعبور ) وبالتالي قد لا يشعرون بالحاجة الماسة للتعديل طالما أن التحويل التقليدي يعطي دلالات عامة معقولة تتعزز بالطرق الأخرى.
حيرة بعض المنجمين بين الطريقتين:
هناك أيضا من جرب الطريقتين ووجد أحيانا هذه أدق وأحيانا تلك. إحدى المعلقات (كاترين) ذكرت أنها تعتبر التحويل السنوي “أقل تقنيات التنبؤ موثوقية حاليا” بالنسبة لها لأنها رأت بعض الخرائط تعمل أفضل بوضعها العادي وأخرى كانت مقنعة أكثر بعد تصحيح التقهقر مما جعلها في حيرة أي النهجين أكثر دقة وهذا النوع من التجارب المختلطة يدفع إلى الظن بأن الأمر قد يختلف من حالة لأخرى أو ربما تبعا لمدى ملاءمة الطريقة لحساسية مخطط ميلاد الشخص.
بالنسبة لي فقد احترت ايضا بين الاثنين فرغم اني اتبنى المنهج المداري تماما الا اني لاحظت تطابق غريب مع الاحداث ان استخدمت الخارطة المصححة فمثلا اعتبر سنه ٢٠٠٦ اهم سنة بحياتي حينما سافرت من العراق لاول مرة ونرى بالخارطة المصححة اشارة واضحة لهذا السفر لان طالع التحويل هو نفسه البيت التاسع بخارطة المولد

علما ان خارطة التحويل الاعتيادي ( غير المصحح) تشير لهذا السفر ايضا لوجود برج طالع المولد ( في التاسع بيت السفر ) .
خلاصة واستنتاج
من الواضح أن مسألة دقة التحويل السنوي العادي مقابل المتقدم لا تزال موضع نقاش بين المنجمين والاختلاف ينبع من منطلقات نظرية (استوائي مقابل نجمي) وكذلك تجارب عملية متنوعة ومؤيدو التحويل السنوي المتقدم يؤكدون أنه يصحح الخريطة لتمثيل الواقع الفلكي وبالتالي يقدم تنبؤات أكثر تطابقا مع الأحداث الخارجية الملموسة مستشهدين بأمثلة لأحداث كبرى ظهرت معالمها بجلاء في خرائط مصححة.
وفي المقابل يرى مناصرو التحويل التقليدي أن النظام الاستوائي قائم بذاته ويكفي بذاته للتعبير الرمزي عن السنة خاصة على الصعيد النفسي والشخصي وقد حقق نجاحا لديهم في توقع اتجاهات عامة أو حالات يعيشها الفرد دون الحاجة لتعقيد التصحيح.
وبعض المنجمين يتبنون الطريقتين معا للاستفادة من ميزات كل منهما: إذ يعتبرون الخريطة الاستوائية (غير المصححة) لوحة تعكس تجربة الشخص الذاتية ونواياه بينما تكشف الخريطة المصححة الظروف القدرية والخارجية للسنة ومن هذا المنظور قد لا يكون السؤال أيهما “أدق” بصورة مطلقة بل بأي غرض نستخدم كل خريطة وماذا نقرأ منها.
وفي المحصلة التقهقر الاعتدالي حقيقة فلكية لا يمكن إنكارها وتأثيره الحسابي على توقيت التحويل الشمسي معروف (حوالي ٢٠ دقيقة كل سنة) والقرار حول تضمين هذا التصحيح في الممارسة التنجيمية يعتمد على فلسفة المنجم وإطاره النظري فإن كان يعتبر أن الدقة الفلكية المطلقة ضرورية للتوقع بالأحداث فسيكون ميال للتحويل السنوي المتقدم أو حتى تبني دائرة الأبراج النجمية بالكامل أما إن كان يرى أن الدلالة التنجيمية رمزية ومتصلة بالدورة الموسمية للأرض بصرف النظر عن حركة النجوم فقد يفضل البقاء مع التحويل السنوي الاستوائي التقليدي مستخدم إياه إلى جانب أدوات أخرى للتأكد من التوقعات. فلا توجد دراسات إحصائية حاسمة معروفة ترجح كفة أحد الأسلوبين بشكل قطعي لذا يبقى الأفضلية مسألة تجريب فردي وتقييم ذاتي من قبل المنجم لكل حالة.
وكما تقول ماري شيا: إذا كان التصحيح يعمل معك فأثبت ذلك بأمثلة وإن لم يكن له أساس نظري فلا تتبعه عشوائيا. ومعظم المصادر تنصح المنجمين باختبار الطريقتين بأنفسهم وملاحظة أيهما يعطي نتائج أدق وأوضح في خبرتهم الخاصة وبهذه الطريقة يمكن لكل احكامي تبني النهج الذي يراه يوفر توقعات أكثر مصداقية وفقا لفهمه وإحصائه الشخصي.
ولغياب هذه الطريقة تماما بالساحة العربية لذا رأيت ان اشرحها بشكل مفصل بهذا الموضوع الطويل ليواكب الاحكاميين العرب البحوث والدراسات العالمية حول هذه التقنية المهمة ( التحويل السنوي) .