مناضل المختار

قال حدثني أبي قال كنت أتقلد القضاء بالكرخ .

وكان بوابي بها رجلاً من أهل الكرخ وله ابن سنة اثنتي عشرة سنة , وكان يدخل داري بلا إذن ويمزح مع غلماني ، واعطيه احيانا النقود والثياب كما يعطي الناس خدمهم .

ثم خرجت من الكرخ ورحلت ولم اعد أعرف ماذا حصل للرجل البواب ولا ابنه 

ومضت على ذلك السنين وفي سنة ما امرني  أبو عبد الله البريدي ( وهو وزير في الدولة البويهيه ) بحمل رسالة من واسط ( منطقة بجنوب العراق الان تعتبر محافظة ) إلى ابن بويه فوجدته بدير العاقول ( جنوب غرب بغداد ب 80 كم  ) وبعد ان سلمته الرسالة رجعت لواسط فقيل أنه بالطريق لصاً يسمى (الكرخ ( خطير جدا , وقد كنت قد خرجت بطالع

اخترته على حسب تحويل مولدي لتلك السنة لذا كنت مطمئن ومؤمن ان الله سينجيني من أي لص او قاطع طريق ولكن لما عدت من دير العاقول خرج علينا اللصوص في عدد من القوارب حاملين معهم الاقواس والسهام واسلحة اخرى وعددهم نحو مائة شخص  , وكان معي خدم يرمون  عليهم السهام , فحلفت أن من رمى منهم ضربته إذا وصلنا الى مدينتنا مائتي جلدة ثم أخذت ذلك السلاح الذي كان معنا ورميته في الماء .

وذلك أني خفت أن يقصدنا اللصوص فلا يرضون إلا بقتلي ان قاتلناهم , واستسلمت للأمر طلباً للسلامة وجعلت أفكر في الطالع الذي خرجت فيه ولم اجد فيه ما يوجب القطع علي ( القطع مصطلح احكامي يعني الموت او الخطر الكبير ) ، واخذ الناس ينزلون الى الشاطىء وأنا معهم وجعلوا يفرغون القوارب والسفن وينقلون ما فيها إلى الشاطىء وينزلون اغراضهم فلما وصل الدور لي تعجبت من خوفي هذا مع ان طالع التحويل لا يدل عليه ولم اكن مبتدىء في هذا العلم بل متمكن منه .

لذا وقبل ان ابدأ بإنزال إغراضي والنزول من القارب اقترب قارب كبير اللصوص  ليشرف على نزول الناس وانزال بضائعهم ، فحين رآني منع أصحابه من نهب مالي أو شيء من سفينتي وصعد وحده إلى قاربي الى أن صار قدامي وتأملني طويلاً ثم انكب يقبل يدي وكان ملثماً فلم أعرفه فتعجبت .

وقلت : يا هذا ما بك ؟

فكشف عن وجهه وقال : الم تعرفني يا سيدي؟ 

فتأملته وأنا خائف فلم أعرفه فقلت : لا والله .

قال : بلى أنا خادمك ابن فلان بوابك الكرخي أنا الصبي الذي ربيتة في دارك فأعتنيت بي .

فتأملته فإذا الخلقة خلقته إلا أن اللحية قد غيرته في عيني فذهب خوفي قليلاً.

وقلت : ما الذي وصلته اليه ؟ 

قال : سيدي نشأت فلم أتعلم غير اعمال السلاح والفروسية وجئت إلى بغداد أطلب الديوان ( وظيفة لدى الحكومة ) فلم يقبلني أحداً لذا توجهت لقطع الطريق , فلو  لقيت من يقدرني وأنزلني بحيث أستحق من الشجاعة ما فعلت هذا بنفسي .

فأقبلت أعظه وأخوفه الله ثم خشيت أن يزيد عليه هذا فتفسد رعايته لي فسكتت .

فقال : يا سيدي لا يكون بعض هؤلاء أخذ منك شيئاً ؟ 

قلت : لا ما ذهب منا السلاح رميته أنا في الماء وشرحت له القصة فضحك .

وقال : أي من اصحابك له اهمية عندك ؟ 

فقلت : كلهم عندي بمنزلة واحدة في الاهتمام بهم فلو اطلقت سراح الجميع؟

فقال : والله لولا أن أصحابي تفرقوا بما أخذوا لفعلت ذلك ولكنهم لا يطيعوني في رده ، ولكن ما بقي من السفن في المكان الذي لم يؤخذ بعد فلا يمسه أحد .

فقلت له : جزاك الله خيرا .

فصعد إلى الشاطىء وأصعد أصحابه ومنعهم أن يؤخذوا شيء مما في السفن الباقية فما تعرض لهم أحد ورد على القوم أشياء كثيرة مما أخذت منهم وأطلق سراح الناس وسار معي في أصحابه إلى أن أوصلني إلى مأمن  وودعني ورجع.

 

هذه القصة وغيرها الكثير يزخر بها كتاب نشوار المحاضرة وكتاب فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم والكثير من كتب التاريخ العربي , بل لا يكاد يخلوا كتاب تاريخي عربي قديم من ذكر التحويل او التحويل السنوي دلالة على الانتشار الكبير لهذه التقنية في عصور الحضارة العربية والاسلامية الاولى , وبسبب التأثير الكبير للحضارات السابقة كمثل الفارسية والبابلية والاغريقية والرومانية على الحضارة العربية حيث ان ابرز ما فعله العرب هو ترجمة العلوم القديمة من هذه الحضارات والاستفادة منها عمليا في حياتهم الطبيعية , لذا فلم تكن احكام النجوم في ذلك العصر صرعه بين المترفين والخلفاء وعليه القوم فقط بل نراها منتشرة بين الجميع من الخليفة الى ابسط انسان متعلم في ذلك الزمن , ولكننا الان لن نتكلم عن احكام النجوم بشكل كامل بل عن تقنية واحدة من تقنيات احكام النجوم وقد شرحتها في منتدانا نهران لعلوم الفلك واحكام النجوم كثيرا ووضعت لها مواضيع ثابته وتطبيقات عملية ايضا , ولكن كل تلك الشروحات لم اسهب بها او اجعل تفاصيلها كاملة لتعقيد هذه التقنية الشديدة ولكي لا يقال ان مناضل يعقد العلوم ولا يشرحها بشكل واضح .

ولكن بما ان الاهتمام تصاعد بهذه التقنية في منتدانا الى درجة ان الاخ الطوخي سألني عنها امس وبشكل مفصل اكثر من السابق فرأيت ان ابدأ بشرحها تباعا وحسب تقبل الاعضاء لهذا الشرح ومواكبتهم لهذه التقنية لكي يكون شرحنا واضح وصحيح ويمكن الاستفادة منه عمليا وواقعيا ولا يكون حروف وكلمات في نهران فقط 

 

 

عدد ادلة السنة

 

ان السنة الواحدة تنقسم لشهور وايام وساعات ولكل واحد منها عده ادلة 

والكواكب باختلاف حالاتها تدل للانسان في كل سنة على حالات مختلفة فمنها ما يدل بحاله عند التحويل على صلاح حال السنة كلها او على ردائتها وهذا بشكل عام.

 

ولكن هناك تفاصيل اكثر يمكن استخراجها من التحويل وبشكل اكثر خصوصية لدرجة التوقعات السنوية والشهرية واليومية والساعية ايضا أي حسب ساعات اليوم , وبالتاكيد فأننا كلما نزلنا اكثر حسب الترتيب السابق سوف نفقد الدقة والمصداقية لان حالات الانسان وتصرفاته غاية في التعقيد ولا يمكن السيطرة عليها او توقعها بشكل دقيق , فمثلا يمكن ان نرى شخص داخل عند طبيب الاسنان ونتوقع انه سيجلس على الكرسي المائل ليعمل الطبيب على اسنانه ولكن لا يمكننا ابدا ان نتوقع بشكل دقيق أي ستكون يده اثناء ذلك العمل وكيف سيكون رد فعله بشكل دقيق او قسمات وجهه , أي ان الدقة المتناهية تصعب كثيرا وكلما كان التوقع اكثر عمومية يكون ادق وافضل.

لذا في تحاويل السنين يمكن تدريج التوقعات كما قلنا الى 

 

1-حسب السنة

2-حسب الشهر

3-حسب اليوم

4-حسب الساعة

 

ولكن كما قلت النقطة الاولى اكثر مصداقية بكثير من النقطة 4 

ولكن ما هي آلية تحليل التحويل السنوي وما هو بشكل عام ؟

 

لاحظت مؤخرا ان الكثيرين لا يزالون يعتقدون ان التحويل السنوي هو الخارطة المرسومة لبرج ودرجة ودقيقة شمس المولد في أي سنه فقط , وهذا شيء خاطىء

فهذه الخارطة هي جزء او دليل من ادلة التحويل السنوي الكثيرة التي يجب ان تمتزج فيما بعضها وحسب قواها لتنتج التوقعات الكاملة لهذا الانسان وما قد يجري معه بحيث يمكن عن طريق هذه التوقعات البحث عن افضل الاعمال واختيارات الاوقات له .

فكما رأينا في القصة السابقة فان التنوخي حلل تحويله السنوي ووجد ان هذه السنة لا يوجد عليه أي قطع او خطر كبير لذا كان مطمئن في سفره في طريق يوجد به اللصوص وقطاع الطرق , وهذا الامر يمكن استنتاجه من التحويل بشكل واسع وكبير فيمكن مثلا رؤية امكانية الزواج او الطلاق او الخطر في السفر او الرزق او قلته او العمل الجيد او مشاكل في العمل الخ الخ والتصرف بها حسب ما يظهر من هذه التوقعات .

فالتحويل السنوي وعلم احكام النجوم كلها ليست شيء جازم وقطعي لا بد ان يحصل بل يمكن التصرف حسبه ومنع الكثير من توقعات واحكامه وحسب التصرفات الصحيحة , فمن ظهر في تحويله السنوي مشاكل في السفر ولم يسافر تلك السنه او كان حذر بشكل مضاعف فلن يحصل معه شيء خطير بالسفر ولكن ان تصرف بشكل اعتباطي غريزي فسوف يصاب بالتاكيد .

أي ان توقعات احكام النجوم كمثل احداث المناخ والعواطف والامطار ان توقعتها وتوقيت منها بالملابس والامور الاخرى فلن يصيبك منها خطر كبير ولكن ان واجهتها بصدر عاري فبالتأكيد سوف تصاب بعوارضها واحداثها بشكل كبير .

 

سوف اذكر الان ادلة التحويل بشكل كامل ليرى المهتمين انها ليست خارطة التحويل السنوي فقط وحسب التدرج بالقوة :

 

 

1 : برج المنتهى وصاحبه .

2 : القسمة والقاسم ( أي الحد الذي يصل له الهيلاج وصاحبه من الكواكب ) .

3 : المشارك له ( الكوكب الذي ينظر لذلك الحد ) . 

4 : الكوكب الذي له الفردارية والذي يشاركه في القسمة ( شرحنا الفردار في مواضيع كثيرة ) .

5 : صاحب الدور ( صاحب الساعة الفلكية بالنسبة للمولد سوف افرد له موضوع لشرحه ) . 

6 : طالع تحويل السنة وصاحبه ( في لحظة رجوع الشمس لنفس برج ودرجة ودقيقة المولد ) . 

7 : القمر والكواكب التي تتصل به ما دام في برجه فأن كان خالي السير فصاحب  بيته . 

8 : عبور الكواكب بمواقع المولد وعبور بعضها ببعض . 

9 : دلالة السال خداي ( صاحب السنه ) اذا كان في التحويل في بعض البيوت الاثنى عشر .

10 : مواضع الكواكب من بيوتها ومواضع بيوتها منها .

11: ادارة الكواكب والبيوت الاثنى عشر .

12 : موافقة برج المنتهى او طالع التحويل لبعض بيوت المولد .

13 :موافقة برج المنتهى او طالع التحويل لمواضع كواكب المولد . 

14 : الكوكب اذا كانت في اصل المولد في بعض البيوت وصار في التحويل في بيت اخر.

15 : دلال اتصال اصحاب البيوت بعضها ببعض .

16 : دلالة كل كوكب عند انتقاله في البيوت في السنة كلها او عبورها ما دامت في برج من الابراج بحدود الكواكب واجسادها وشعاعاتها واثنى عشرياتها الاصلي والتحويلية .

17 : دلالة اتصال الكواكب في العبور  .

18 : دلالة كل كوكب اذا صار في بيته او في بيت غيره او في حده او في حد غيره.

19 : دلالة الرأس والذنب .

 

فهذه كل ادله التحليل ومنها يستخرج كل ما ذكرناه وبشكل اكبر ايضا فيوجد من هذه الادلة ما هو خاصة بالجسد ويوجد ما هو خاص بالروح او الحالة النفسية للانسان ومنها ما هو خاص بالاحداث والتحركات وما قد يحدث في السنه ومنها ما يدل على المال او الاخوة او العائلة او الابناء او الزواج او الدراسة الخ الخ الخ 

أي عن طريق تحليل ما ذكرناه يمكن استخراج كل ما يمكن ان يحدث للانسان في تلك السنة وبشكل وقتي كما ذكرنا او بشكل احوال عامة او امكانيات يمكنه القيام بها او لا يمكنه القيام بها .

 

هذه الحلقة الاولى من هذه السلسلة والتي ستستمر او تتوقف حسب تفاعل الاعضاء معها .........